مدونة زاهر الهنائي
أكاديمي بجامعة السلطان قابوس

الاثنين، 1 نوفمبر 2021

عن نصوص عمانية مهاجرة وأهمية ترجمتها من قبل أهلها

  محمود الرحبي

 أكتوبر 25 2021

جريدة عمان


لا بد أن ثمة مؤلفات عمانية كتبت بغير اللغة العربية، ولكننا نلاحظ أنه حين يتم نقلها إلى العربية يواجه قارئها العماني بعض الأخطاء وخاصة في نقل مسميات المدن والقبائل، لذلك عادة ما يتم نقلها ولو بعد زمن إلى العربية مرة أخرى ولكن هذه المرة بواسطة مترجم عماني، تحت دافع تجنب وتقويم هذه الأخطاء.

قام أخيرا المترجم العماني زاهر الهنائي بترجمة الجزء الأول والأهم من كتاب "مذكرات أميرة عربية" تأليف سالمة بنت السيد سعيد، ويجب أن نذكر هنا بأن وزارة التراث القومي والثقافة في الثمانينات كان لديها وعي بأهمية هذا الكتاب حين أشرفت على ترجمته وكان مترجمه أول مرة حينذاك العراقي عبدالجليل القيسي وعن الإنجليزية وليس عن الألمانية، ولكنها ترجمة استأنسنا بها وقرأناها في وقتها بإعجاب.

ولكن الترجمات مع الوقت يمكن اكتشاف أنها تحتاج إلى إعادة. ليس فقط لأن الترجمة تشيخ كما قال أحد النقاد يوما، ولكن لأنها كذلك تحتاج إلى الدقة في ضبط أسماء الأعلام والأماكن. فبالإضافة إلى أكثر من ترجمة تعرضت لهذا العمل المهم، كان آخر هذه الترجمات هو ترجمة العراقية سالمة صالح، كتب مرة سليمان المعمري في الفيس بوك مبديا بعض الملاحظات المهمة على هذه الترجمة (رغم أهميتها وأهمية كاتبتها): أنا أتيح لي أن أقرأ الكتاب بترجمة سالمة صالح (الجمل ط٢ 2006). وقرأت نقد المترجمة العراقية للمترجم القيسي وهو صحيح. لكني آخذ على ترجمة سالمة صالح أمرين:

الأول أنها لم تسع للتأكد من نطق بعض الأسماء العمانية فنقلتها كما كتبتها الأميرة سالمة بالألمانية. مثلا أختها مثلى سمتها ترجمة صالح متلة. وشوانة سمتها شيوانة. وقبيلة الشقصي كتبتها الشاكسي. وقبيلة الحرث سمتها قبيلة "هورت".

والأمر الثاني هو عيب على دار الجمل أكثر مما هو على سالمة صالح. ألا وهو عدم وجود مدقق لغوي. كان النص مزعجا بكثرة أخطائه اللغوية والإملائية، لدرجة أنه مرت عبارة (يبدو لي بوجه عام أن الأوروبيون) دون أن يرف لها جفن المصحح اللغوي!

وهذه الأخطاء سبق وأن نبه لها المترجم الهنائي وذلك في مقدمة ترجمته للجزأين الثاني والثالث من هذه المذكرات. ولكن ها هو الآن يعيد ترجمة الجزء الأول ويصدره عن نفس الدار ( دار الجمل). هناك أهمية أن تترجم الأعمال العمانية التي أنجزت في الغرب وبلدان العالم بواسطة مترجمين عمانيين وذلك تحريا للدقة، ولا شك أن لدينا قائمة كبيرة من المترجمين العمانيين وهم يزدادون عاما بعد آخر، يمكن ذكر هنا -على سبيل المثال وليس الحصر- إنجازات أحمد المعيني في هذا السياق، الذي يمكن اعتباره – رغم شبابه- شيخ المترجمين العمانيين بسبب نشاطه المتوالي وتنوع ترجماته. كما أن ثمة مترجمين عمانيين يعيشون خارج عمان وربما في ذلك ثراء وتمكين لغوي ينتج من العيش في المحيط التفاعلي للغة الأصل. ولابد أن وجود حاضنة عمانية تجمع شتات هذه الترجمات وتعنى بالمترجم العماني ويقدم لها الدعم يجعل من هذا الشتات الموزع، استثمارا لخلق بؤرة حضارية لعمان نطل من خلالها ونسهم في رفد الوطن العربي وقراء العربية بالإنجازات المكتوبة في ربوع العالم. ويمكن في هذا السياق استحضار تجربة الكويت الرائدة والطويلة مع سلسة عالم المعرفة والمسرح العالمي وغيرها من مشاريع مهمة وعريقة يشرف عليها منذ عقود المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وتجربة الإمارات مع مشروع كلمة، والتجربة المصرية الرائدة مع المركز القومي للترجمة بالقاهرة.

في عمان نحتاج إلى كيان شبيه، ولا داعي للتذكير بالبعد الحضاري لبلدنا الحبيب، وتنوع روافده المعرفية في أكثر من سياق، ناهيك إلى أن عددا كبيرا من المترجمين العمانيين أصبحوا الآن قبلة للعديد من دور النشر طلبا لترجماتهم ليس فقد بسبب دقتها، إنما يمكن أن نلاحظ كذلك أن ترجمات العمانيين جاءتنا من لغات غير وسيطة وخاصة اللغة الإنجليزية. يمكن إضافة كذلك مترجمين عن الإسبانية والروسية والألمانية وكذلك السواحلية لغة شرق أفريقيا، التي ساهم العمانيون - أسلاف سالمة بنت السيد سعيد- في رفد معجمها بكلمات عربية عديدة.