مدونة زاهر الهنائي
أكاديمي بجامعة السلطان قابوس

الأربعاء، 22 ديسمبر 2021

ترجمة ثالثة لمذكّرات أميرة عربية،، محمود الرحبي

 زنجبار أرخبيل في المحيط الهندي، وهو جزء من تنزانيا حالياً، ظلّ طويلاً تحت الحكم العُماني، وتحديداً من أسرة البوسعيدي الذين تعاملوا مع المكان بوصفه وطناً، فتركوا فيه بصمات عمرانية ما زالت بارزة للعيان. وقد وصفت الأميرة سالمة في الجزء الأول من "مذكّرات أميرة عربية" والذي كتبته بالألمانية، مكان ولادتها ونشأتها زنجبار كأنّه فردوس دنيوي. فقد امتلأت تلك المذكّرات بتفاصيل أميرة في قصر والدها السلطان بكلّ ما تعني حياة القصور من رفاهية وبذخ. لكن، كان للحب رأي آخر، حين تركت وطنها الأفريقي، ولم تحمل معها منه سوى حفنة تراب. واختارت أن تتزوّج شاباً ألمانياً وتسافر معه، ثم يموت فجأة ويتركها مع ثلاثة أبناء، مع ما ترتب على ذلك من معاناة وتشرّد. أجادت وصفها في الجزأين الثاني والثالث من مذكّراتها، بيد أنّ الجزء الأول كان مخصّصاً فقط لزنجبار وطفولتها في تلك الجزيرة الخضراء في كنف والدها السلطان سعيد البوسعيدي.
أصدرت أخيراً دار الجمل الأجزاء الثلاثة كاملة، وهذه المرّة بترجمة عُمانية عن الألمانية مباشرة، أنجزها زاهر الهنائي، الذي سبق أن ترجم الجزأين، الثاني والثالث، ولم يترجم الأول (والأساسي) إلّا هذا العام (2021)، لنكون بالتالي أمام ترجمة كاملة للأجزاء الثلاثة التي تركتها سالمة بنت السيد سعيد، أنجزها مترجم عُماني، استطاع أن يتلافى زلات وقعت فيها الترجمات السابقة، خصوصاً في ما يتعلق ببعض مسميات المناطق والألقاب العائلية.
كنا نظن أنّ أميلي رويته (الاسم الألماني لسالمة بنت السيد سعيد) لم تترك لنا سوى "مذكّرات أميرة عربية" المكتوب بالألمانية. الكتاب الذي تُرجم إلى عدة لغات، ونقلته من قبل إلى العربية، السورية سالمة صالح، وترجمه قبلها العراقي عبد المجيد القيسي، إذ أشرفت على ترجمته وأصدرته وزارة التراث والثقافة العُمانية في الثمانينيات، بوعي منها بأهمية هذا الكتاب. لكنّ ترجمة القيسي، كما ذكرت سالمة صالح في مقدمتها، انتقائية متحفّظة تُراعي كثيراً طبيعة القارئ ومستواه من دون أن ترتقي به. وبترجمة سالمة صالح يمكن أن يلاحظ القارئ الفرق، على الرغم من أنّ سالمة كانت أيضاً متحفظة وانتقائية، كما أوضح ذلك العُماني زاهر الهنائي في ترجمته الجديدة، وأشار إلى ذلك حتى في ترجمته السابقة الجزأين الثاني والثالث. 
ركّزت الأميرة سالمة في الجزء الأول على حياتها الأولى وطفولتها. ولدت عام 1844 في قصرٍ يطلق عليه بيت متوني، وهو أول قصر يبنيه والدها سعيد بن سلطان البوسعيدي في زنجبار الأفريقية (بنى السلاطين العمانيون اللاحقون قصوراً عديدة في زنجبار، من أشهرها "بيت العجائب"). وكانت سالمة تكنّ لأبيها حباً وتقديراً كبيريْن، حتى أنّها أطلقت اسم سعيد على ولدها الألماني. وإذا كانت المذكّرات في قسمها الأول تضعنا في محيط أفريقي شرقي، فإنّ اكتشاف أجزاء أخرى من مذكّراتها عُدَّ بمثابة كنز. وهناك أهمية توثيقية كبيرة للمذكّرات في قسمها الأوروبي (الجزء الثالث) لاشتمالها على تفاصيل دقيقة ومدهشة عن الحياة في أوروبا في القرن التاسع عشر. كما أنّ الجزء الثاني مخصّص لحياتها في حيفا وبيروت، اللتين ذهبت إليهما لزيارة ابنتها والمكوث معها.
ظلت سالمة محافظة حتى على لغتها العربية التي سعت إلى تدريسها لأبنائها. وقد تعلمت الألمانية وأتقنتها، وكتبت بها مذكّراتها، بيد أنّ رسائلها إلى أخيها حاكم زنجبار كانت بالعربية. ويمكن أن تعدّ المذكّرات، بأجزائها الثلاثة، دليلاً على رحلة عكسية، فقد شهد القرن التاسع عشر زيادة في الرحلات الاستكشافية الأوروبية إلى الشرق والوطن العربي، بغرض التمهيد لاستعماره، ثم الهيمنة المطلقة عليه، حسب إدوارد سعيد في كتابه "الاستشراق" (1978). وفي هذا السياق، هناك عدد هائل من الرسائل والتقارير والدفاتر واليوميات، لكنّها كانت من طريق معاكس، وبما يشبه سباحةً ضد التيار؛ أميرة عُمانية من زنجبار، تشقّ، رفقة زوجها الألماني، رحلة إلى أوروبا لتقيم فيها، ولتنقل إلينا، بالتالي، في مذكّراتٍ ثلاثية الأجزاء، تفاصيل دقيقة من الحياة في ذلك القرن.

https://www.alaraby.co.uk/opinion/%D8%AA%D8%B1%D8%AC%D9%85%D8%A9-%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%B0%D9%83%D9%91%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9

الاثنين، 1 نوفمبر 2021

عن نصوص عمانية مهاجرة وأهمية ترجمتها من قبل أهلها

  محمود الرحبي

 أكتوبر 25 2021

جريدة عمان


لا بد أن ثمة مؤلفات عمانية كتبت بغير اللغة العربية، ولكننا نلاحظ أنه حين يتم نقلها إلى العربية يواجه قارئها العماني بعض الأخطاء وخاصة في نقل مسميات المدن والقبائل، لذلك عادة ما يتم نقلها ولو بعد زمن إلى العربية مرة أخرى ولكن هذه المرة بواسطة مترجم عماني، تحت دافع تجنب وتقويم هذه الأخطاء.

قام أخيرا المترجم العماني زاهر الهنائي بترجمة الجزء الأول والأهم من كتاب "مذكرات أميرة عربية" تأليف سالمة بنت السيد سعيد، ويجب أن نذكر هنا بأن وزارة التراث القومي والثقافة في الثمانينات كان لديها وعي بأهمية هذا الكتاب حين أشرفت على ترجمته وكان مترجمه أول مرة حينذاك العراقي عبدالجليل القيسي وعن الإنجليزية وليس عن الألمانية، ولكنها ترجمة استأنسنا بها وقرأناها في وقتها بإعجاب.

ولكن الترجمات مع الوقت يمكن اكتشاف أنها تحتاج إلى إعادة. ليس فقط لأن الترجمة تشيخ كما قال أحد النقاد يوما، ولكن لأنها كذلك تحتاج إلى الدقة في ضبط أسماء الأعلام والأماكن. فبالإضافة إلى أكثر من ترجمة تعرضت لهذا العمل المهم، كان آخر هذه الترجمات هو ترجمة العراقية سالمة صالح، كتب مرة سليمان المعمري في الفيس بوك مبديا بعض الملاحظات المهمة على هذه الترجمة (رغم أهميتها وأهمية كاتبتها): أنا أتيح لي أن أقرأ الكتاب بترجمة سالمة صالح (الجمل ط٢ 2006). وقرأت نقد المترجمة العراقية للمترجم القيسي وهو صحيح. لكني آخذ على ترجمة سالمة صالح أمرين:

الأول أنها لم تسع للتأكد من نطق بعض الأسماء العمانية فنقلتها كما كتبتها الأميرة سالمة بالألمانية. مثلا أختها مثلى سمتها ترجمة صالح متلة. وشوانة سمتها شيوانة. وقبيلة الشقصي كتبتها الشاكسي. وقبيلة الحرث سمتها قبيلة "هورت".

والأمر الثاني هو عيب على دار الجمل أكثر مما هو على سالمة صالح. ألا وهو عدم وجود مدقق لغوي. كان النص مزعجا بكثرة أخطائه اللغوية والإملائية، لدرجة أنه مرت عبارة (يبدو لي بوجه عام أن الأوروبيون) دون أن يرف لها جفن المصحح اللغوي!

وهذه الأخطاء سبق وأن نبه لها المترجم الهنائي وذلك في مقدمة ترجمته للجزأين الثاني والثالث من هذه المذكرات. ولكن ها هو الآن يعيد ترجمة الجزء الأول ويصدره عن نفس الدار ( دار الجمل). هناك أهمية أن تترجم الأعمال العمانية التي أنجزت في الغرب وبلدان العالم بواسطة مترجمين عمانيين وذلك تحريا للدقة، ولا شك أن لدينا قائمة كبيرة من المترجمين العمانيين وهم يزدادون عاما بعد آخر، يمكن ذكر هنا -على سبيل المثال وليس الحصر- إنجازات أحمد المعيني في هذا السياق، الذي يمكن اعتباره – رغم شبابه- شيخ المترجمين العمانيين بسبب نشاطه المتوالي وتنوع ترجماته. كما أن ثمة مترجمين عمانيين يعيشون خارج عمان وربما في ذلك ثراء وتمكين لغوي ينتج من العيش في المحيط التفاعلي للغة الأصل. ولابد أن وجود حاضنة عمانية تجمع شتات هذه الترجمات وتعنى بالمترجم العماني ويقدم لها الدعم يجعل من هذا الشتات الموزع، استثمارا لخلق بؤرة حضارية لعمان نطل من خلالها ونسهم في رفد الوطن العربي وقراء العربية بالإنجازات المكتوبة في ربوع العالم. ويمكن في هذا السياق استحضار تجربة الكويت الرائدة والطويلة مع سلسة عالم المعرفة والمسرح العالمي وغيرها من مشاريع مهمة وعريقة يشرف عليها منذ عقود المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وتجربة الإمارات مع مشروع كلمة، والتجربة المصرية الرائدة مع المركز القومي للترجمة بالقاهرة.

في عمان نحتاج إلى كيان شبيه، ولا داعي للتذكير بالبعد الحضاري لبلدنا الحبيب، وتنوع روافده المعرفية في أكثر من سياق، ناهيك إلى أن عددا كبيرا من المترجمين العمانيين أصبحوا الآن قبلة للعديد من دور النشر طلبا لترجماتهم ليس فقد بسبب دقتها، إنما يمكن أن نلاحظ كذلك أن ترجمات العمانيين جاءتنا من لغات غير وسيطة وخاصة اللغة الإنجليزية. يمكن إضافة كذلك مترجمين عن الإسبانية والروسية والألمانية وكذلك السواحلية لغة شرق أفريقيا، التي ساهم العمانيون - أسلاف سالمة بنت السيد سعيد- في رفد معجمها بكلمات عربية عديدة.

الاثنين، 11 أكتوبر 2021

مذكرات أميرة عربية في نسختها العربية الجديدة

 :مذكرات أميرة عربية في نسختها العربية الجديدة في ٤٣٢ صفحة

- تفرّدت بترجمة ونشر نصّ المذكرات الذي صدر في برلين سنة ١٨٨٦ كاملا؛ فجميع الترجمات العربية الثلاث السابقة دون استثناء لم تنشر نصّ المذكرات كاملا.
- فيها تصحيحات للأخطاء الترجمية التي ظهرت في النسخ العربية للمذكرات.
- تحتوي على وثائق وصور تنشر لأول مرة.
- تحتوي على مقدمة مستفيضة عن كتاب مذكرات أميرة عربية وتاريخ طبعاته المختلفة.
- تجمع بين النص الأول للمذكرات المطبوع والنص بعد التعديل والإضافات والتصحيحات، التي أجرتها السيدة سالمة بخط اليد في النسخة الشخصية المحفوظة في المعهد الهولندي للشرق الأدنى NINO. فقد عزمت السيدة سالمة على إكمال مذكراتها وتعديلها بعد نشرها في برلين ١٨٨٦، ولكن لم يكتب لها النشر؛ فبقيت محفوظة فيما بقي من أشيائها الشخصية التي تركتها بعد وفاتها ١٩٢٤. وبصدور هذه النسخة العربية للمذكرات يكون مشروع السيدة سالمة في إعادة نشر مذكراتها قد اكتمل وأصبحت المذكرات بأكملها متاحة للقارئ العربي لأول مرة. إذ تحتوي هذه النسخة على نص مذكراتها الأولى بالإضافة إلى جميع التعديلات والإضافات والتصحيحات التي أجرتها عليه، ويعد هذا النص هو القسم الأول من مذكراتها، أما النص الآخر من مذكراتها والذي يتناول حياتها في ألمانيا فهو كتاب رسائل إلى الوطن، الذي نشر مترجما إلى العربية عام ٢٠١٦، والقسم الأخير من مذكراتها، والذي هو عبارة عن نصين قصيرين، يتناول النص الأول انطباعات السيدة سالمة عن العادات والتقاليد السورية؛ حيث أقامت في القدس ويافا وبيروت ما يقرب من ٢٥ سنة، أما النص الثاني فيتناول رحلتها الثانية إلى زنجبار سنة ١٨٨٨ بعد وفاة أخيها السلطان برغش. وقد نُشر هذان النصان أيضا بالعربية سنة ٢٠١٧ بعنوان مذكرات أميرة عربية (تكملة المذكرات). وقامت بنشر جميع هذه النصوص، بأقسامها الثلاثة، منشورات الجمل.



 

الخميس، 16 سبتمبر 2021

كنز أميرة زنجبار- محمود الرحبي: رسائل إلى الوطن

 شهد القرن التاسع عشر زيادة في الرحلات الاستكشافية الأوروبية إلى الشرق والوطن العربي، بغرض التمهيد لاستعماره ثم الهيمنة المطلقة عليه. وفي هذا السياق، أُلِّف عدد هائل من الرسائل والتقارير والدفاتر واليوميات، وكانت هناك، من طريق معاكسة، وبما يشبه سباحة ضد التيار، أميرة عُمانية من زنجبار، تشقّ، برفقة زوجها الألماني، رحلة إلى أوروبا لتقيم فيها، ولتنقل إلينا بالتالي، في مذكرات ثلاثية الأجزاء، تفاصيل دقيقة من الحياة في ذلك القرن.

وقد صدر في عام 2015 عن دار الجمل (بغداد، بيروت)، وبترجمة عن الألمانية، أنجزها زاهر الهنائي، الجزءان الثاني والثالث من مذكّرات سالمة بنت السيد سعيد. وإذا كان الثالث صغيراً (112 صفحة مليئة بالصور، المذكرات 35 صفحة)، ويتعلق بشذراتٍ من حياتها في بيروت ويافا، حين أقامت فترة في كنف ابنتها هناك، فإن الجزء الثاني هو الأهم، ليس نظراً إلى حجمه المتوسط (224 صفحة) فحسب، بل للتفاصيل الوافرة التي احتواها هذا الجزء من حياة مؤلفته.
كنا نظن أن أميلي رويته (الاسم الألماني لسالمة بنت السيد سعيد) لم تترك لنا سوى كتابها "مذكرات أميرة عربية" المكتوب بالألمانية، والذي ترجم إلى مختلف اللغات، ونقلته إلى العربية السورية سالمة صالح، وكان قد ترجمه قبل ذلك العراقي عبد المجيد القيسي. وقد ركّزت في هذا الجزء على حياتها الأولى وطفولتها، حيث ولدت عام 1844 في قصر يطلق عليه "بيت متوني"، وهو أول قصر يبنيه والدها سعيد بن سلطان البوسعيدي في زنجبار الأفريقية، وكانت تكنّ له حباً وتقديراً كبيريْن، حتى أنها أطلقت اسم سعيد على ولدها الألماني. وكان سعيد بن سلطان يدير مملكته الواسعة من أفريقيا، وتحديداً من الجزيرة الجميلة، زنجبار. فبالإضافة إلى "عُمان الكبرى" موطنه الأول، كانت تحت إدارته أجزاء من البرّ الأفريقي، إضافة إلى سواحل وموانئ من الهند وإيران. وقد وصفت سالمة، في مذكّراتها الأولى، تفاصيل دقيقة (عدّت وثيقةً نادرة) من حياة القصر الذي عاشت فيه، حين كان والدها على قيد الحياة.
وإذا كانت المذكّرات في قسمها الأول تضعنا في محيط أفريقي شرقي، فإن اكتشاف أجزاء أخرى من مذكّراتها عُدَّ بمثابة كنز، حيث إنها كانت، في الجزء الثاني مثلاً، تتحدّث بإسهاب عن حياتها في فرنسا ثم ألمانيا، وعن تفاصيل ما قاسته من نكبات، بعد أن مات زوجها نتيجة سقوطه من قطار، وعن تلك الأوقات العصيبة التي كانت تقضيها معه في المستشفى، إلى أن فارق الحياة، وما تكبدته من معاناة في أثناء مرضه. وفي ذلك أطلقت مقولتها التي تتساوق مع ما نشهده الآن في ظل جائحة كورونا: "إن المرء في أوروبا يولد ويَربى لكي يخضع ويستسلم لآلاف القيود التي تمسّ الحرية الشخصية وتجعل من الفرد مجرد رقم".
لم تعش سالمة مع زوجها فريدريك الذي تكنّ له حباً شديداً سوى أربع سنوات أنجبت فيها بنتين وولداً. وكان زوجها سندها الحقيقي في الحياة الأوروبية القاسية التي اضطرتها بعد موته، في بعض الفترات، إلى إسكات جوع أولادها بالخبز الأسود والحليب.
وهناك أهمية توثيقية كبيرة للمذكرات في قسمها الأوروبي، لاشتمالها على تفاصيل دقيقة ومدهشة من الحياة في أوروبا في القرن التاسع عشر. ومن غرائب ما يمكن أن يقرأ في هذه المذكرات، ذلك الفضول الاجتماعي الذي قد لا يتناسب مع مجتمعات الحداثة، وكان يتمتع به الإنسان الأوروبي في ذلك الزمن، فحين كانت سالمة، مثلاً، تنتقل مضطرة من مدينة إلى أخرى، كان سكانها يحتشدون لكي يتعرفوا إليها، وكانوا يدعونها إلى بيوتهم ويزورونها، وهو ما كان يضايقها كثيراً. وهي تصرّفات اجتماعية حميمية غدت نادرة حتى في مدننا وقرانا العربية. ففي مرّة اجتمع لاستقبالها في محطة القطار عشرات القرويين، حين كانت منتقلة من مدينة هامبورغ إلى قرية رودولشتات. وتضمنت المذكّرات أيضاً صوراً لعائلة سالمة في مختلف الأعمار إلى أن توفيت عام 1924 في ألمانيا، ودفنت مع كيس من رمل موطنها الأول أحضرته معها من زنجبار، تلك الجزيرة الخضراء التي طالما ذكّرتنا الحياة فيها، ثم فقدانها الفاجع، بنوستالجيا زمان الوصل الأندلسي.

الأحد، 5 سبتمبر 2021

ترجمة جديدة ورابعة لمذكرات أميرة عربية بالاعتماد على النسخة النادرة من المذكرات والمحفوظة بالمعهد الهولندي للشرق الأدنى NINO


ترجمة عربية جديدة (٢٠٢١) لمذكرات أميرة عربية أقدمها للقارئ العربي، ستصدر قريبا عن منشورات الجمل، تقدم إضافة جديدة على ما سبقتها من ترجمات، من حيث اعتمادها على نسخة نادرة شخصية من الطبعة الألمانية الأصلية الأولى للمذكرات، قد تعود إلى صاحبة المذكرات نفسها، لا تزال محفوظة في المعهد الهولندي للشرق الأدنى NINO، والتي تم فيها إضافة زيادات وتعليقات بخط اليد بلغة ألمانية وإسقاط كثير من المواضع التي ظهرت في طبعة برلين ١٨٨٦. كما تم تتبّع جميع الطبعات الألمانية الأولى للمذكرات التي صدرت في ١٨٨٦ ببرلين، وكذلك النسخ الحديثة التي نشرت بعد ذلك.
جمعت هذه الترجمة أيضا بين النص الأول للمذكرات والنص الآخر بعد التعديل بالاعتماد على هذه النسخة الهولندية، واستفادت كذلك من الترجمات السابقة، سواء الإنجليزية بمختلف طبعاتها، أو العربية بترجماتها الثلاث، في محاولة لنشر نص كامل ودقيق للمذكرات دون المساس بالنص الأصلي وتقديمه كوثيقة تاريخية.
ويأتي هذا العمل أيضا في إطار مشروع ترجمة جميع نصوص الأميرة سالمة بنت سعيد من لغتها الأصل الألمانية إلى اللغة العربية؛ فقد صدرت ترجمة كتابها الآخر (رسائل إلى الوطن) سنة ٢٠١٦، وتكملة مذكراتها ٢٠١٧، عن دار منشورات الجمل.

A new Arabic translation of the memoirs of an Arabian princess 2021

زاهر الهنائي


https://www.facebook.com/227071053971571/photos/a.227080483970628/6379511328727482