مدونة زاهر الهنائي
أكاديمي بجامعة السلطان قابوس

الأحد، 22 ديسمبر 2013

السيدة سالمة: أميرة عربية بين عالمين

أحاول، من خلال تكثيف تتبعي للأدبيات الألمانية التي تعنى بصاحبة مذكرات أميرة عربية، لفت أنظار المهتمين إلى بعض المناطق المعتمة التي غابت أو ربما غيبت عن القراء العرب، كثير منا تشكلت له صورة صاحبة المذكرات مثلما أظهرتها الترجمة العربية بمختلف مترجميها بدءا من عبد المجيد القيسي 1978 نقلا عن اللغة الإنجليزية ومرورا بسالمة صالح 2002 نقلا عن الألمانية، والمقارن للترجمتين لا يجد إضافة تكاد تكون نوعية قدمتها ترجمة سالمة صالح إلا أنها ترجمة عن اللغة الألمانية التي هي لغة المذكرات الأصلية،،، هناك وثائق أخرى وجدها الألمان في تركة السيدة سالمة لم تتحدث عنها الأدبيات العربية التي ما زالت تتغنى بالمذكرات منذ زمن بعيد مكتفية بها رغم ما نشر من وثائق أخرى لا تقل أهمية عن المذكرات تعود للأميرة العربية، ومن المفارقات العجيبة أن مكتباتنا ولا سيما هنا في عمان لا تحتفظ بنسخ من كتاب المذكرات بالألمانية، وحتى النسخة الإنجليزية في أقل تقدير، وللعلم فقد ترجمت إلى لغات أخرى منها الفرنسية فضلا عن الإنتاج الروائي حولها الذي لا يزال مستمرا وواضحا من خلال الأعمال التي خرجت للجمهور مؤخرا كالفيلم الوثائقي الألماني 2007 الذي وثق سيرتها مرورا برواية نجوم على زنجبار Sterne ueber Sansibar 2010، وأخيرا في عام 2013 صدرت رواية للروائي السويسري لوكاس هارت مان بعنوان وداع زنجبار...

سأبدأ فتح ملف الأميرة العربية في البداية بذكر ما توافر من معلومات في الويكبيديا باللغة الألمانية التي تفردت بذكر بعض التفاصيل،،، حسب الويكيبديا )http://de.wikipedia.org/wiki/Emily_Ruete( : ولدت السيدة سالمة في الثلاثين من أغسطس عام 1844 في بيت المتوني بزنجبار وتوفيت في التاسع والعشرين من فبراير عام 1924 في مدينة Jena بألمانيا، وقبرها في هامبورج في Hamburger Friedhof Ohlsdorf )http://www.youtube.com/watch?v=YHnczcYtWVQ(.

1- حياتها في زنجبار:
أبوها هو السيد سعيد بن سلطان، سلطان عمان وزنجبار، وأمها جارية شركسية، نشأت سالمة في قصر بيت المتوني بمدينة زنجبار, وقضت طفولتها في ذلك الوسط المترف وتعلمت بنفسها القراءة والكتابة، كانت تربطها بأخيها غير الشقيق ماجد علاقة خاصة، وتعلمت على يديه ركوب الخيل والرماية، وسكنت في بيته بداية من 1851. أصبح ماجد سلطان زنجبار بعد موت أبيه عام 1856، وكان نصيبها من التركة مزرعة كبيرة بها منزل و 5.429 باوند، توفيت أمها عام 1859 بوباء الكوليرا، وبذلك ورثت سالمة ثلاث مزارع كبيرة وعددا من المنازل، بعد ذلك تم زجها في الدسائس التي كانت تحاك في قصر السلطان، إذ أقنعتها أختها غير الشقيقة خولة وأخوها غير الشقيق برغش للمشاركة في الانقلاب على ماجد. ولأجل مقدرتها في الكتابة والقراءة شغلت وظيفة سكرتيرة لبرغش ولم تتجاوز سنها الخامسة عشرة. فشل الانقلاب فوضعت بضعة أشهر تحت الإقامة الجبرية، ثم بعد ذلك تحسنت علاقتها مع أخيها ماجد، الأمر الذي عده برغش خيانة، وبسببه رفض الاتصال بها ومقابلتها بعد ذلك إلى مماته.
عام 1866 تعرفت السيدة سالمة على التاجر الألماني Heinrich Ruete من هامبورج، الذي كان يسكن في بناية مجاورة لقصر السلطان. عرفت العائلة بالعلاقة، مما اضطرت إلى الهرب في الرابع والعشرين من أغسطس 1866 وهي حامل في الشهر الرابع، خوفا من مواجهة حد الرجم، وكان ذلك بمساعدة نائب القنصل البريطاني في زنجبار، فاتجهت إلى عدن على متن السفينة الحربية Highflier.
قام ماجد بتوجيه رسالة احتجاج رسمية إلى القنصل البريطاني، فتم التوصل إلى تسوية رضي بها إخوتها. هربت سالمة إلى عدن، حيث ولدت في السابع من ديسمبر 1866 ابنها Heinrich jr.، وفي الأول من إبريل عام 1867 تركت الإسلام ودخلت النصرانية واتخذت اسم Emily، لم يعش ابنها طويلا فقد مات قبل وصول أبيه إلى عدن.

يتبع،،

الجمعة، 13 ديسمبر 2013

تأصيل كلمة مَخْزِين في الدارجة العمانية

تأصيل كلمة مَخْزِين في الدارجة العمانية
هناك بعض الألفاظ التي يخالها المرء من أول وهلة أنها عربية بحكم ظاهر اللفظ فلا يفطن أنها في الحقيقة خلاف ذلك إلا إن لفته ما يدل على ذلك، نحن العمانيين وخصوصا كبار السن  يعرفون كلمة (مَخْزِيْن) ودلالتها، ولكن ربما بدأت هذه الكلمة تختفي بين جيل الشباب نظرا لبعد اهتمامهم بحقل استعمال المفردة، فهذه الكلمة تدل على مخزن الرصاص في السلاح، وهذا ما يؤدي إلى الوهم أنها عربية توافق كلمة (مَخْزَن) الفصيحة وقد اعتراها تغير صوتي بسبب اللهجة، هذا ما يظن في الوهلة الأولى، ولقد ظل هذا الاعتقاد لدي في أقل تقدير زمنا طويلا ولم يدُر في خلدي أن اللفظ ناجم عن تأثير مباشر للغة أخرى. سأبدأ من آخر الحكاية، لقد وصل إلينا هذا اللفظ بمدلوله الحالي وبشيء من التغيير الصوتي بتأثير من بعض اللغات الأوروبية كالفرنسية والألمانية (das Magazin, magasin)، إذ تعني اللفظة بجانب معانيها الأخرى ما تدل عليه كلمة (مَخْزِيْن) لدينا، يأتي هذا الاستنتاج من سياق مقال للباحث الألماني أندريس أونجر الذي تتبع تطور اللفظ في اللغة الألمانية المعاصرة (das Magazin، ماجاتسين) في كتابه "من الجبر إلى السكر، الكلمات العربية في اللغة الألمانية" - وللكلمة الألمانية عدة معان مستعملة في اللغة الألمانية المعاصرة، من بينها ما تعنيه كلمة (مَخْزِيْن) (ينظر في المعجم الألماني المعتمد Duden) - الذي افترض الكاتب فيه أن الكلمة الألمانية Magazin، بمعنى مخزن الرصاص، قد تطور عن الكلمة الفرنسية (magasin، ماجازين) التي تعني في أحد معانيها هذا المعنى، صحيح أن الكاتب افترض أن اللفظ تطور في الأصل عن الكلمة العربية مخزن إلا أن التأثير المباشر في الحقيقة كان عن طريق تأثير لغات أخرى كما أشرت، فقد بدأ الكاتب بتأصيل اللفظ وافتراض أصله القديم من كلمة "مَخْزَن" العربية التي اشتقت من الفعل "خزن" الذي يدل على معنى التخزين والحفظ  والجمع والتكديس، ويذكر أندريس في مقاله أن أحد المعاجم العربية في القرن 11 الميلادي دون أن يذكر اسمه ورد فيه أن مَخْزَن وخِزانة يحملان المعنى نفسه، وقد جاء لفظ الجمع في القرآن "خزائن" دالا على معنى الشيء المخزون ومكان خزنه ودل أيضا على معنى الكنز، ويضيف أن  اللفظ كان يطلق على مستودع البضائع في أسواق العصور الوسطى، وكذلك أُطلق على المكان الذي ينزل فيه التجار للراحة، وفي الغرب الإسلامي تدل كلمة مخزن قبل كل شيء على إدارة الأموال، ومنذ عهد المرابطين أطلق اللفظ على الجهاز الحكومي في المغرب، وربما يرجع أصل ذلك إلى قيام الأمير إبراهيم بن الأغلب (ت812م) بحفظ إيرادات الضرائب في صندوق حديدي (مخزن).
يذكر أندريس أن هذه الكلمة وصلت إلى أوروبا في أغلب الظن عن طريق تجارة البحر المتوسط مع شمال إفريقية، إذ ظهرت لأول مرة عام 1214م، وليس واضحا بالتحديد ما إذا كان نشوء اللفظ من النطق الشمال الإفريقي لمخزن (مَخْزين) بالإمالة أو من صيغة الجمع مخازن. وفي عام 1229م استمدت مدينة مارسيليا قوانين نظام فنادقها من شمال إفريقية بحكم العلاقة التجارية بين التجار الأوروبيين والعرب المسلمين الذين كانت لديهم سابقة في النظام الفندقي وقوانينه، فقد كان التجار ينزلون في نزل خاصة أعدت لهم في مجمعات سكنية بمناطق المواني الإسلامية فانتشرت هذه الأنظمة بعد ذلك في مارسيليا وغيرها من المدن الأوروبية، وبصيغة مماثلة وجدت هذه الأنظمة لدى التجار الألمان في البندقية بإيطاليا مع بداية 1225، وفي هذه الأنظمة الفندقية المارسيلية يرد ذكر لنوع من أنواع النبيذ لدى المسلمين يدعى mag(u)azenum (باللغة اللاتينية الوسطى)، وبطريقة مشابهة دلت كلمة magazzini  (صيغة جمع من اللغة الإيطالية) في أواخر 1348 على معنى مخزن للنبيذ اليوناني في أحد المواني، وبالمعنى نفسه ظهرت الكلمة، التي اقتُرضت من الإيطالية، عام 1558 أيضا في الألمانية، حيث جاء تعريف كلمة Malvasier: "  Malvasier(مالفازيا): نوع من أنواع النبيذ أصله من بيلوبونيز (Peloponnes، شبه جزيرة بجنوب اليونان) كان يُحمل إلى السفينة من المخازن (Magatzin)، وبداية من القرن 17 بدأ استخدام الكلمة في المجال العسكري < magazin und provianthäuser > أي مستودعات المؤن (عام 1641)، وأكثر وضوحا (عام 1665) < Mgazin, Zeughaus und dergleichen > أي مستودع الذخيرة. ومن الكلمة الفرنسية magasin اقترض اللفظ الألماني Magazin للدلالة على معنى محلات الشراء (نهاية القرن 18). وفي المقابل حملت كلمة Magazin  مدلول لفظmagazine  من اللغة الإنجليزية (The Gentleman's Magazine, 1731) للدلالة على معنى مجموعات النصوص (Sammelstelle)، والتي كان أول بدايات ظهور لها في ألمانيا 47/1748 في العنوان:
 "Hamburgisches Magazin oder gesammelte Schriften, aus der Naturforschung und den angenehmen Wissenschaften überhaubt"
"مجموعات هامبورج أو الكتابات المجموعة من البحوث العلمية والاجتماعية. (ترجمة)"
  ثم بعد ذلك أصبحت الكلمة كما هو معلوم تدل على المجلّة، ومع بداية منتصف القرن 20 تطورت لتدل على مجموع المساهمات في موضوع معين <في برامج الإذاعة والتلفزيون>، ومع اختراع السلاح متعدد الذخيرة منتصف القرن 19 أطلق أيضا على مستودع الذخيرة في السلاح Magazin، وهو على الأرجح مستمد من اللغة الفرنسية magasin حسب أندريس.
وهكذا وصل إلينا هذا اللفظ كما هو الشأن فيما يصل إلينا من سلع وأدوات بتسمياتها، وهذا مجرد مثال على دخول كلمات من لغات أخرى في الدارجة العمانية أحببت أن ألفت النظر إليه، والموضوع يستحق في رأيي الاعتناء والوقوف عنده تشخيصا للهجة العمانية وتوصيفا للتغيرات التي تطرأ عليها في الاستعمال نظرا لطبيعة عمان التي انفتحت، وما زالت، على حضارات وثقافات ولغات متعددة عبر حقب الزمان المختلفة.



ترجمة قصيدتين لجوته

Wandrers Nachtlied und Ein gleiches

تعد هاتان القصيدتان من أشهر قصائد شاعر ألمانيا الكبير جوته، تتجلى فيهما فكرة الموت والبحث عن الراحة الأبدية، يعد النقاد القصيدتين قصيدة واحدة، وقد رتبهما جوته نفسه على هذا النحو فيما نشره،،
ومما يروى أن جوته زار آخر مرة جبل (كيكن هان)، قبل نصف سنة من موته، في السابع والعشرين من أغسطس 1831، في أثناء رحلته الأخيرة إلى مدينة إلميناو، وقد صحبه آنذاك ضابط الجبل "يوهان كريستيان مار"، الذي روى أن جوته أخبره أن زيارته الأخيرة إلى هذه المنطقة كانت قبل ثلاثين عاما.
يضيف "مار": صعد جوته الطابق العلوي من كوخ الصيد، حيث سكن بصحبة غلامه ثمانية أيام في إحدى زياراته السابقة، ليرى مرة أخرى تلك الأبيات القليلة التي نقشها على أحد جدران الكوخ.
 ويذكر "مار" أن جوته أراه نقش القصيدة التي كتبها يومئذ بقلم الرصاص على أحد الجدران، وقد أرّخ لها بالسابع من سبتمبر 1780.
 يواصل "مار" حديثه: "قرأ جوته هذه الأبيات القليلة ثم سالت دموعه على وجنتيه، وبكل تؤدة أخرج منديله ذا اللون الأبيض الثلجي من جيب معطفه البني الداكن، وأخذ يجفف الدموع وقال بنبرة هادئة حزينة:
نعم
 "انتظر، قريبا
ستهدأ أنت كذلك."
ثم صمت هنيهة، ونظر من خلال النافذة إلى غابات الصنوبر القاتمة، ثم التفت إلي وقال: الآن بإمكاننا الذهاب.  

"حُداءُ السّاري"
يا من هو في السماء،
يا من يُسَكِّن كل الألم والمعاناة،
املأ البائس الحزين بأضعاف السعادة،
آه، إني متعب من هذا الضجيج والصخب!
ما كل هذا الألم واللذة؟
أيها السلام الجميل،
تعال، آه تعال لتسكن صدري!
****
فوق كل قمم الجبال
هناك سكون،
فوق كل قمم الأشجار
بالكاد تُحس نَفَسا؛
الطيور في الغابة صامتة.
اِنْتَظِرْ, قريبًا
ستهدأ أنت كذلك.

Wandrers Nachtlied
Der du von dem Himmel bist,
Alles Leid und Schmerzen stillest,
Den, der doppelt elend ist,
Doppelt mit Erquickung füllest;
Ach, ich bin des Treibens müde!
Was soll all der Schmerz und Lust?
Süßer Friede,
Komm, ach komm in meine Brust!
Ein gleiches
Über allen Gipfeln
Ist Ruh,
In allen Wipfeln
Spürest du
Kaum einen Hauch;
Die Vögelein schweigen im Walde.
Warte nur, balde
Ruhest du auch.

الاثنين، 2 ديسمبر 2013

وثيقتان للسيدة سالمة صاحبة مذكرات أميرة عربية

هاتان وثيقتان لصاحبة مذكرات أميرة عربية، الوثيقة التي على اليمين هي وثيقة التعميد (التنصير) والأخرى وثيقة الجنسية الألمانية.
حسب الوثيقة وقع التعميد في عدن في الثلاثين من مايو 1867، وتم اعتمادها مواطنة ألمانية عام 1872.