سأستأنف الحديث عن الموضوع الذي شرعت فيه
والذي يتعلق بصاحبة مذكرات أميرة عربية لتسليط الضوء على بعض التفاصيل المغيبة
والتي ربما تساعد على تشكيل صورة أوضح لما اعترى الحادثة من غموض وغرابة، وتحاول
أيضا تأويل الأحداث تأويلا يقترب من الواقع والمنطق، كان الحديث في المرة السابقة
عن حياة سالمة في زنجبار حسب ما ورد في الويكيبيديا الألمانية (http://de.wikipedia.org/wiki/Emily_Ruete )، وهذا
الجانب من حياتها يعد أكثر وضوحا للمتلقي نظرا لما تم سرده في مذكراتها التي
تناولت حياتها الأولى في زنجبار منذ ولادتها 1844 حتى 1866، عدا بعض التفاصيل التي
ذكرتها في الحديث السابق والتي قد تساعد على تفسير بعض الأحداث وأكملت بعض
الفراغات الناقصة.
سيكون القادم أكثر إدهاشا للمتلقي، إذ سيفتح
جانبا ظل مغيبا سنين طويلة (حياتها من 1866 إلى 1924)، يكشف عن عالمها الآخر الذي
كانت ترجو به الخلاص والحرية، هذا العالم المدفون عن المتلقي العربي آن له أن ينبش
ليظهر ما خفي وما كان، أحداث جديدة ومواقف فريدة عايشتها الأميرة العربية في عالمها
الآخر، يتوق لمعرفتها التائقون، وحق لهم ذلك..
سيكون منهجي في التعاطي مع الموضوع التركيز
على الأدبيات الألمانية ومحاولة إظهار أكبر قدر ممكن مما وثقه الألمان عن هذه
الشخصية المهمة، منطلقا مما ورد في الويكيبديا الألمانية متفرعا إلى غيرها، أبتغي
بذلك كشف هذا العالم الجديد المجهول لعيون القراء العرب والدارسين والباحثين..
2- حياتها في ألمانيا:
بعد هربها إلى عدن تزوجت رسميا بالتاجر
الألماني رودلف هاينريش (Rudolph
Heinrich) في الثلاثين من مايو
عام 1867، بعدها اتجها إلى مدينة هامبورج الألمانية (بلدة زوجها)، وفي الرابع
والعشرين من مارس عام 1868 ولدت ابنتها Antonie Thawka Ruete، التي أصبحت لاحقا زوجة أويجن
براندايس (Eugen Brandeis) أحد المسؤولين في
المستعمرة الألمانية في منطقة المحيط الهادي، وفي الثالث عشر من أبريل عام 1869
ولدت ابنها (Rudolph Said-Ruete)، وفي السادس عشر من
أبريل عام 1870 ولدت ابنتها الأخرى (Rosalie Guza Ruete). توفي زوجها في حادث دهس نتيجة
قفزه في طريق عربات الخيل في Uhlenhorst إحدى مدن هامبورج.
ونتيجة منع السلطات سالمة من تركة زوجها،
اضطرت إلى الانتقال للعيش فترات قصيرة في كل من Dresden وBerlin وRudolstadt وKöln. وفي عام 1875 حاولت أن تلتقي
أخاها برغش في لندن عندما كان في زيارة رسمية إلى بريطانيا، ولكن باءت محاولتها
بالفشل، قامت رسميا برفع مطالباتها باستعادة أملاكها المصادرة في زنجبار التي رفض
برغش إعادتها إليها..
حاول "Bismarck" استغلال الموقف
في ظل تفاقم المصالح الاستعمارية لبريطانيا وألمانيا في شرق أفريقيا، فسمح لها
بالسفر إلى زنجبار برفقة مسؤولين ألمان مرتين عام 1885 و1888، ولكن مرة أخرى قابل
السلطان برغش جميع مطالبها بالرفض، وجدد رفضه استقبال أخته في زنجبار. وبعد مؤتمر
الكونغو واتفاقية Helgoland-Sansibar تحددت المصالح
الاستعمارية لألمانيا وبريطانيا، فلم تعد السلطات الألمانية بعد ذلك تكترث لقضية
السيدة سالمة بعد أن قضت منها وطرها.
في عام 1886 نشرت سالمة أول كتاب لها. وقد
عملت لتأمين رزقها معلمة للغة العربية. وفي عام 1889 سافرت إلى بيروت، حيث كان
يعمل ابنها موظفا في القنصلية الألمانية. قامت بعد ذلك بعمل رحلات أخرى طويلة إلى
الشرق الأوسط حتى 1914، ثم استقر بها المقام في ألمانيا حتى وفاتها عام 1924، وبعد
موت جميع إخوتها غير الأشقاء قام ابن أخيها السلطان خليفة بن برغش بتخصيص معاش
يسير لها عام 1922، عاشت السيدة سالمة سنيها الأخيرة (1920-1924) في مدينة Jena مع أهل زوج إحدى
ابنتيها. ودعت سالمة الحياة عام 1924 في مدينة Jena وقبرت في هامبورج في حديقة der Hamburger Friedhof
Ohlsdorf، ويعد قبرها من قبور المشاهير..
سأكتفي بهذا القدر الآن، وسأركز في الحديث
القادم على نشاطها الكتابي وما كتب حولها ونشر،،
يتبع،،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق